ورقة علمية واعدة نُشرت في مجلة الخلية الجذعية Stem Cell لعلماء نجحوا في إعادة طول التيلومير Telomeres في المختبر إلى مستوياته الطبيعية.هذه النتائج سوف تعزّز من الأبحاث المتخصصة في شيخوخة الإنسان،وإطالة عمره من خلال تنظيم الانقسامات الخلوية في جسدة.
بقلم: ماجد العنزي 🔬 ، العلوم بالعربية (@iSciencesi): https://twitter.com/iSciencesi?s=09
ملخص: يُحافظ طول "التيلومير" على استقرار الانقسام الحيوي بأجسادنا. ولذلك، تسعى هذه الورقة إلى اكتشاف طريقة لزيادة العمر الافتراضي له عن طريق فهم العمليات البيولوجية للجينات المتعلقة به، والحفاظ على استقرارها ما أمكن عن طريق أدوية تثبّط انزيم PAPD5.
الفائدة المرجوّة: الحفاظ على طول "التيلومير" مرتبط بطول عمر الخلايا. لو طبقّنا مثل هذه التقنيات الحيوية في المستقبل القريب أو البعيد على البشر، قد نتمكّن من الحصول على أكسير الحياة المذكور في الأساطير المصرية القديمة، هُم بحثوا عن الخلود، والعلم يبحث عن عمر إضافي فقط!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
حاول الإنسان عبر التاريخ أن يبحث عن الخلود في هذه الأرض، والفرار من الموت. لكنها لم تُجدِ نفعًا معه، فهو النهاية الحتمية لكل كائن حي، و جُلَّ ما نستطيع فعله هو تأجيل هذه اللحظة بالحفاظ على صحة جيدة، والابتعاد عن الأمور التي ثَبت تورطها بالأمراض المميتة. ومن أبرز المحاولات التي قام بها البشر في القرون المنصرمة هو نقل دماء الأطفال والشباب إلى كبار السن، لكنها لم ترتقِ لعلاج الأمراض المستعصية، مما أدّى إلى موتهم في نهاية المطاف. ورغم ذلك، فإن الأبحاث المهتمة بإبطاء الشيخوخة لازالت قائمة حتى الآن. ربما ثمة ضوء في نهاية النفق!
معظم الأبحاث الحديثة تركّز على الأجزاء التي تتواجد في نهايات الصبغيات Chromosome الخاصة بنا وتُدعى التيلوميرات Telomeres. وهي تدرس طول هذه الأجزاء بجديّة؛ كلما كانت أطول، كلما كانت عمليات الانقسام الخلوي أقرب للنجاح، مما يعني أن عمرك الافتراضي أطول من أقرانك في الغالب.
لسوء الحظ، ينقص طول "التيلومير" بشكل طبيعي كلما تقدمنا بالعمر، وهذا ما يؤثر على تنظيم عمل الكروموسومات حتى تُدمج ببعضها البعض في وقتٍ ما. حينها، لن يتمكّن الحمض النووي من إصلاح نفسه، وبالتالي وصولنا إلى الشيخوخة الخلوية سريعًا. أستطيع القول أن الانقسام المستمر للخلايا في أجسادنا يقود إلى تلك الشيخوخة، يبدو الأمر وكأن "التيلومير" هو المؤشر الحيوي لعمر الخلية، ودائمًا ما نرى "تيلوميرات" الشباب أطول ممّن يكبرهم سنًا. مما يعني أن فُرص تخمين عمر الخلية التقريبي من طوله أمر معقول وممكن.
وعلى ضوء ماسبق، فإن النقص المستمر لطول "التيلومير"، وفي نقطةٍ ما، لن يُمكّن الخلية من الانقسام بشكل طبيعي، أي موتها المحتّم، وهذه هي المشكلة التي يحاول المتخصصون أن يجدوا حلًا لها؛ ماذا لو تمكّنا من إبطاء هذه العملية الحيوية عن طريق الحفاظ على طول هذا "التيلومير" السحري؟
هنا لمعت الفكرة، وبدأ الباحثين في التمعّن بها. نظريًا، هذا مدخل ممتاز لإطالة عمر الإنسان، وكذلك منع إصابته بالأمراض السرطانية لأن الخلية ستتمتّع بشبابها لأطول فترة ممكنة. وهذا ما قد يُضيف حتى 30 سنة إضافية إلى عمره، وربما أكثر. من يدري؟
قام الباحثون، وفقًا للدراسة الحديثة، بإجراء تجربتين: الأولى تتعلّق باختبار مواد كيميائية معروفة على خلايا جذعية لمرضى اضطراب التقرّن الخلقي Dyskeratosis congenita ، وكذلك اختبارها على خلايا جذعية أخرى وحقنها في الفئران، ودراسة تأثيرها على طول "التيلومير" في تلك الخلايا.
لذلك، تمَّ فحص أكثر من 100 ألف مركّب كيميائي في المختبر للعثور على مادة علاجية قادرة على أن تُحافظ على الوظائف الحيوية لجين يُدعى PARN ، فهو لاعب مهم في آلية عمل انزيم التيلوميراز Telomerase ، المتهّم الأول في اضطراب التقرّن الخلقي DKC السابق ذكره.
ماهو اضطراب التقرّن الخلقي DKC ؟ هو مرض وراثي نادر جدًا، يُصيب شخص واحد من كل 1000000 شخص حول العالم تقريبًا. تُصاب خلايا المريض بالشيخوخة المبكرة بسبب حدوث عطب جيني (تطفّر) يعطّل عمل انزيم "التيلوميراز" وأشياء أخرى، وهذا ماسيؤدي إلى فشل نخاع العظم.
وجد العلماء أن استهداف إنزيم "التيلوميراز" قد يساعد على ابتكار وسيلة لإبطاء أو عكس آثار الشيخوخة المبكرة. هنالك علاقة مباشرة بين إنزيم "التيلوميراز" وطول "التيلومير"، كلما كان عمل الأول منظمًا، استقَّر الثاني حيويًا. هما مرتبطان ببعضهما البعض بطريقةٍ أو بأخرى.
لنعود إلى جين PARN الذي يُحافظ على استقرار انزيم "التيلوميراز"، أظهرت النتائج أنه يَضبط إحدى مكونات التيلوميراز ويُدعى TERC ، ويقوم بالحفاظ على وظيفته المهمة بالخلية. حدوث طفرة على هذا المكّون يتسبّب بقصر "التيلومير"، هذا الدليل المباشر سيساهم في فهم أسباب هذا الخلل الحيوي.
قاد البحث المستمر إلى اكتشاف مادة مثبطّة لإنزيم PAPD5 ، وهي العامود الفقري لهذه الورقة العلمية، وتبيّن أن لهذا الإنزيم أثرًا سلبيًا في انحلال جين PARR وكذلك عدم استقرار TERC . تمَّ اختبار هذه الفرضيات على خلايا جذعية لمرضى التقرّن الخلقي. أظهرت النتائج أن المادة العلاجية المكتشفة ساهمت في دعم مستويات TERC بالخلايا الجذعية المستهدفة، وهذا ماأعاد "التيلومير" إلى طوله الطبيعي في المختبر. وهذا يعني أن مثبّط انزيم PAPD5 يعمل بالكفاءة المطلوبة لعودة استقرار الخلية من جديد.
وللتأكيد على النتائج السابقة، أراد الباحثون أن يدرسوا تأثير مثبط PAPD5 على تعبير TERT و TERC سويًا (أجزاء في انزيم التيلوميراز). استخدم العلماء خلايا جذعية، وحقنوها في الفئران، وقاموا بإحداث طفرات في جين PARN لمُحاكاة مايحدث في مرضى اضطراب التقرّن الخلقي، وعلاجه بالمثبط المذكور.
النتائج: ساعد مثبط PAPD5 في تعزيز أجزاء "التيلوميراز" بشكل واضح. وتمكَّن "التيلومير" من استعادة طوله الطبيعي دون أن تتعرّض الفئران إلى آثار دوائية خطيرة. مذهل جدًا، وخطوة مميزة لمشروع تجديد خلايا البشر بين الحين والآخر على طريقة أفلام الخيال العلمي. ربما!
يعمل الفريق البحثي حاليًا على انتاج أدوية لمرضى اضطراب التقرّن الخلقي DKC، المسبّب للشيخوخة المبكرة، وكذلك مرضى التليف الرئوي Pulmonary Fibrosis ، نجاحهم سيعكس أهمية هذا الدواء في الحفاظ على الانقسامات الحيوية لديهم، ورفع العمر الافتراضي "للتيلومير".
رابط المقالة الاصلية:
Small-Molecule PAPD5 Inhibitors Restore Telomerase Activity in Patient Stem Cells
No comments:
Post a Comment