عندما تعلم أن هُناك جزء باقي على قيد الحياة ويتكاثر باستمرار من جسد والدتك المتوفاة منذ أكثر من عشرين عاما!! ، فكرة تقشعر لها الأبدان ولكن هذا ما حدث لأبناءالسيدة هنريتا لاكس Henrietta Lacks قصة اليوم الخلايا الخالدة للسيدة لاكس.
بدأت القصة عندما قامت السيدة لاكس بزيارة مشفى Johns Hopkins لإجراء الفحوصات💉، فقابلها الطبيب هوارد جونز Dr. Howard Jones وقام بفحصها، وقد لاحظ كتلة لامعة تُشبه الهلام الأرجواني ذاتَ حجمٍ كبيرٍ نسبياً تنزف بسهولة بمجرّد لمسها وتتوضّع أسفل يمين عنق الرحم لدى السيدة. اعتقد الطبيب في بدايةالأمر أنه مرض الزهريّ وأجرى فحصاً للكشف عنه لكنّ النتائج كانت سلبية.ثم طلب أخذ خزعة للتشخيص وكانت النتيجة ورمٌ سرطانيّ!بعد عدة أيام قرر الأطباء وضع كبسولات الراديوم حول عنق الرحم للقضاء على الورم.
ولكنّ نموّ السرطان كان أسرع من أن تقتُله كبسولات الراديوم💊الى أن أتى الثامن من أغسطس عام 1951 ذهبت السيّدة لاكس إلى المشفى للمرّة الأخيرة. وبعد محاولات مُضنية كثيرة، توفيّت في الرابع من أكتوبر عام 1951⚰️.
لكنَّ هذه لم تكن نهاية قصّة السيّدة لاكس، بل هي بدايةٌ لقصّةِ خلود خلاياها حتى يومنا هذا! بعد وفاة لاكس أجرى الأطباء تشريحاً كاملاً للجثة ليجدوا الكثير من الكتل السرطانية رصعت جسدها بالكامل! وبعد حوالي عشرين عاماً، استقبلت عائلة السيدة لاكس اتّصالاً غريباً☎️ . أراد الباحثون أخذ عيّناتٍ من دم أبناء لاكس كي يتسنّى لهم التعرُّف أكثر على التركيب الوراثيّ لوالدتهم المتوفية🔬
قام الباحث George Gey بإجراء الدراسات على الخزعة التي أُخِذت من الأم عام 1951، وقد كان يحاول لسنواتٍ جعل نسيجٍ بشريّ ينمو خارج الجسم، لكنّه فشل في تحقيق ذلك. إلى أن أتى يوم موت السيدة لاكس شرعت الخلايا بالنمو في أطباق بتري (مخبرياً) وبدأت تتراكم وتنمو بشكلٍ خارجٍ عن السيطرة !!🧫
بعدها ظهر د.غاي على التلفاز في برنامجٍ يُدعى "Cancer Can Be Conquered" حاملاً خلايا لاكس أمام الكاميرات، مُعلناً عن إنجازه العظيم.
أوّل خط خلايا بشريّة يتمّ تنميته مخبرياً! وقد أطلق على هذه الخلايا اسم "HeLa" وهي تُمثل الحرفين الأولين من الإسم الأول والثاني للسيدة هنريتا لاكس 👩🏾🦱 . و اقتحمت بعد ذلك خلايا "HeLa" مُعظم مجالات البحث العلمي. حيث ساهمت بإنتاج لقاح فيروس شلل الأطفال واستخدمتها بعض الشركات لاختبار مستحضرات التجميل،كما أنها ساهمت في معرفة آثار الأشعة المنبعثة ☢️ و تأثير انعدام الجاذبية على الخلايا البشرية كما ساعدت العلماءَ على اكتشاف الخرائط الوراثية!. مؤخراً وُلدت العديد من خطوط الخلايا لكن"HeLa"بقيت المقياس الذهبي🥇لأن معظم الخلايا تتضاعف مخبريّاً خلال 36 ساعة تقريباً، لكن خلايا "HeLa" تتضاعف خلال 24 ساعة! علاوة على ذلك،فإن الصبغيات تتقلص مع كل عملية تضاعف حتى تعجز عن الإنقسام لكن هذا لا يحدث مع خلايا "HeLa" إنها خلايا خالدة!
تم منح جائزتي نوبل لبحثين لعبت خلايا "HeLa"دوراً جوهرياً في كلٍّ منهما،أحدهما يستكشف العلاقة بين فيروس HPV البشري وسرطان عنق الرحم، والآخر يستكشف دور التيلوميريز في منع تقلّص الكروموسوم. ولا زالت الدراسات قائمة لمعرفة ما يُميز هذه الخلايا وما يمنحها القدرة على الخلود!🔬
مُؤخراً بعام 2016 أُنتج فلم يجسد حياة السيدة لاكس تكريماً لها 🎬 استناداً لكتاب كاتبة المقالات الطبية Rebecca Skloot 🖋الذي دفعها فضولها لتبحث عن جذور هنريتا وتألف كتاب بعنوان الحياة الخالدة لـ هنريتا لاكس The Immortal Life of Henrietta وكانت من أكثر الكتب مبيعات في عام 2010 📚
دمتم بخير
No comments:
Post a Comment